السبت 28 ديسمبر 2024

رواية لسارة فتحى

انت في الصفحة 3 من 7 صفحات

موقع أيام نيوز

الورشه اه مش 
كان بيتسرمح مع البناااااا
انتفض على كلماتها ېصرخ ليقطع حديثها فهى 
لاتنفك بمعايرته بأيام المراهقة لكن الآن الوضع 
مختلف يكاد ان يفقد اعصابه بسبب تصرفات 
والدته هتف مسرعا 
لا لا متاخديش على كلام نبع الحنان 
ابوس رأسك ممكن تمسكى لسانك كل الشارع 
تحت عارف كل حاجه عنى ... انتى أم ازاى 
بس سمعتى ضاعت كففففاية
ألتوت شفتيها بسخرية 
منى برضك ولا من بناتهم اللى كانوا بيمشوا معاك 
امشى يا ولاه انت من قدامى انا رايحة احضر 
العشا انا اصلا خبت فى تربيتك
قهقهت ونس عاليا على تلك السيدة وتصرفاتها 
واتمنت لو كانت تتمتع بأسرة مثلها
راقب انصرافها وهى تمتم بحنق ثوانى وكان يجلس فى الكرسى المقابل لها يتأملها بصمت يود أن يخوض فى سبر اغوار ماضيها وما تفكر به للمستقبل
لا يعرف لماذا ذاك الشعور يداهمه بشدة منذ ان رأها
حاول مشاكستها 
اوعى تصدقيها انا كنت إمام جامع وانا صغير 
بس هى كده تحب تهزر
هربت منها ابتسامة خجولة مذبذبة رفع حاجبيه ليردف 
_بس شكلك مش مصدقة تحبى اقوم اصلى قدامك ركعتين عشان تصدقينى
رمقته بخجل والتقت عيناها بعيونه العسليه ثم اجابته 
لا مصدقاك خلاص قلبك ابيض
اه وربنا ابيض وطيب وابن حلال بس نقول ايه الست دي بتسوء سمعتى
فى الصباح اليوم التالى
نزلت إلى المكتبة بروح جديده تملأها الأمل والتفاؤل استمدتها من الذين حولها بثوا بداخلها روح جديده
فصاحب جميل الروح تصيبك عدوى جماله
لكنها توسعت عيناها بذهول فالسيدة نوال قالت انها مهجور منذ سنتين لكنها تراه الآن فأبهى صورها وقف خلفها مباشرة يهمس بجوار اذنيها 
صباح الورد والونس يا ونس
الټفت له واصبحت قدميها كالهلام من هيئته يرتدى قميصا مفتوح ازاره من الأعلى باللون الأسود يبرز عضلاته حدثت نفسها 
أهذا الحديث لها تكاد تذوب من فرط الخجل قلبها صار يقفز بين ضلوعها فردت قائلة 
صباح الخير .. انت اللى عملت كده !
حك مؤخرة رأسه وهو يشعر براحة وسعادة تغمره من الداخل انه رسم الفرح على ملامحها فاجابها بمرح 
مطرود بقى قولت اعمل حاجه مفيدة وكده
عضت على شفتها بخجل قائلة 
انت إتبهدلت بسببى اوى انا اسفة
ضحكة رجولية خشنة دوت منه وهو يتحدث بنبرة ساخرة 
يبقى لسه معرفتيش الست اللى فوق دي ...دي بتشردنى مع طوب الارض
ربنا يبارك فيها .. ده كفاية روحها الحلوة
ردد خلفها بتضرع 
اميييييين
مر شهر وقد اعتادت على المكان والناس تشعر برضا حتى انها نست انها نذير شؤم على الأخرين واندمجت وسط اهل هذه المنطقة وقف امير امامها يزفر بملل 
ونس خطتك منفعتش المرة اللى فاتت
اجابته بنزق وهى ترتشف من كوب الشاى 
يعنى ده اللى عندى اعمل ايه ! 
بحاول ارغى معاها فى اى حوار وانت ايه ولا الحجر
بتقف
تتنح ولا بتنطق والمفروض انك تتكلم فى اى حاجه بس اعمل ايه انا بقى
عقد امير حاجبيه مدعيا التفكير بينما هى تبتسم على طريقتها غافلين عن اعين تشتعل من الغيرة 
فهى تتعامل معه في اضيق الحدود
تقدم بخطواته صوبهم وهو يشعر بالغيظ يهتف بنبرة عالية 
هو امير باشا مش وراه شغل 
شايفك واقف هنا من الصبح وشغال ضحك فيه ايه !
عندى ديه يا زعامة انا رايح على الشغل هوا
قال جملته وهو ينطلق صوب الورشة وصلتها زفرته المتضايقة فصمتت اما هو وقف
يحدق بتلك الرمادتين التى سحرته منذ اول لقاء
ثم تحمحم بخشونة قائلا 
عاملة اية !
اجابته باقتضاب سريعا فهى تشعر بنبضات مغايرة لنبضات قلبها ولا تريد طعڼة جديدة لنفسها الذبيحة 
كاد ان يجن من طريقتها معه هو فقط فعلاقتها 
مع والدته اصبحت كعلاقة الام بابنتها
أولاها ظهره يباشر عمله لكن لا يخلو من النظرات إليها
فى المساء على طاولة الطعام يجلس انس فى 
انتظارها هى والدته يحضروا الطعام
ثوانى ووضعوا اخر صحن بيديهم وانضموا يتناولون الطعام
قاطعت نوال صمتهم بسعادة 
عندى اخبار حلوة ليكم النهارده مين كان عندى 
الست ام يوسف ما انت عارفها يا انس
مالها ! 
اجابها باقتضاب وهو ينظر فى صحنه كالعادة حديث يخص احدا فى شارع وهو بالضرورة يسمعه ويهز رأسه
استطردت حديثها وعيونها تلمع بفرح وهى تربت فوق كتف ونس 
قال ابنها يوسف شاف ونس فى المكتبة تحت 
واتكلم معاها مرتين وقال معجب بيها وجت النهارده
طلبتها منى وسألتنى عليها قولتلها قريبتنا من البلد 
وقالت ابنها جاهز 
أيه رأيك يابنتى !
إرتواء الروح ٤
البارت الرابع
الغيرة كالخمر كلاهما يذهب العقل
تبدلت ملامحه للغضبب بشكل ملحوظ وهو يسمع حديث والدته كل ما يتردد بذهنه انها تقف معه وتتحدث نيران تتصاعد بداخله زمجر پغضب وخانته كلماته 
هى الهانم واقفه تشتغل ولا تتساير مع الشباب تحت 
حلو اوى المسخرة دي
لا واحنا هنشتغل خاطبه ليها كمان .. وملقتش غير يوسف ده الشارع كله عارف تاريخه
اكفهرت نوال من اسلوب ابنها واسرعت تهتف 
باغتياظ 
جرى أيه يا واد انت ايه الكلام ده ! 
مالك محدش مالى عينك كده
اما هى اطرقت رأسها غير قادره على المواجهة 
فتلك الحياه القاسېة كل مرة تمنحها لقب جديد 
امتلأت عيناها بالدموع لتردف پألم وصوت متقطع 
انا متسايرتش مع حد واصلا مش موافقه على الجواز ولا غيره
رمقته بنظرة ضعيفة عاجزه قبل ان تنصرف من 
امامه داهمته مشاعر الندم على تسرعه يفرك 
وجهه بعصبية يحاول اخفاء عيناه كى لا 
ينفضح امره انه اصبح عاشقا لصاحبة تلك العيون الرمادتين همست امه ومازال يسيطر عليها الذهول 
انت ازاى تقول كده يا خسارة تربيتى فيك 
كده تكسر بخاطرها بكلامك اللى زى السم ده ده جبر الخواطر على الله ..طب كنت اسكت احسن
يلهث من فرط انفعاله اخذ شهيقا قويا محاولا ان تهدئة ثورته ثوانى وقد لانت ملامحه قائلا 
مقصدتش يا امى بس الواد يوسف ده مش مظبوط ومالوش شغلانه وطول النهار تحت متلم على حبة شباب وشرب ونيلة .. وهى تعتبر امانه
طالعته امه ثم اردفت بعقلانية هادئة مغايره لحنقها على ابنها وتصرفه الاهوج 
تقوم تقول كده انا هدخل اراضيها بكلمتين 
متتحركش انت من هنا عشان تعتذر
لكنها توقفت حين فتح باب الغرفة ووجدتها تقف امامها تحمل حقيبتها وعيناها ممتلئة بالدموع على وشك السقوط 
انتفض هو من مكانه كمن لدغته عقربة ضړبت نوال صدرها بانفعال 
ايه ده يا ونس واخده شنطتك ورايحه على فين 
بقى كده وانا بقول عقلك كبير .. انس اتكلم كده لمصلحتك اخوكى وخاېف عليكى وميقصدش حاجة
شلت الصدمة تفكيره كلمة اخوكي اشعلت خلايا جسده فهتف بحدة اكثر 
عايزه تمشى بمزاجك هو ... كلمتينى هما اللى يضايقوكى
اما البيه تتكلمى معاه ويجى يطلبك عادى
وقفت خاوية الروح كلماته ټصفعها بقسۏة اجابته من بين شهقاتها ودموعها تتنهمر 
لو سمحت كفاية غلط .. وانا همشى واريحك ولا كلامك ولا كلام غيرك
شهقة وانين مكتوم لقى صداه فى ثنايا صدره 
اغمض عيناه پعنف يحاول التحكم فى غضبه 
يابنت الناس انا مقصدش بس الحته هنا كلها 
عارفة بعضها والواد ده معروفه سيرته عشان كده
انا اتضايقت بس مقصدش اى غلط لا سمح الله 
وانتى تقعدى وانا اللى امشى لو مضايقك
اقتربت والدته تسحب منها حقيبتها وهى توبخها بحنو 
شوفتى بقى انتى ظلمتيه ازاى .. وعايزه تمشى وتسبينى اهون عليكى ده انا اعتبرتك بنتى 
يبقى لما اخوكى يقول كلمتين كده تتقمصي هاتى الشنطة ديه هعملكم شاى بنعناع يروقكم دا شيطان ودخل بينكم
انصرفت والدته بينما هو يرمقها شرزا ليس 
بينهم رابط قرابة او ډم لماذا ټقتل عشقه فى
مهده بكلمة اخيها تنهد بثقل ثم اردف 
مقصدتش المعنى اللى وصلك بس انتي
معزتك عندى كبيرة ويعلم ربنا ومحبش حد يتكلم عليكى
هزت رأسها فى صمت ثم استرسل والغيرة تأكله من الداخل 
هو كلمك فى أيه !
رأت عيناه تتوهج كالجمر لا تنكر ان كلماته جرحتها لكن هناك شعور بداخلها
يستمتع بانفعاله فهو ليس له سوى معنى واحد حاولت اخفاء تلك المشاعر واجابته باقتضاب 
متكلمش معايا ولا حاجة كان بياخد طلباته 
عادى واخر مرة قالى اسمى يوسف جاركم هنا
وانتى قولتيلوا ايه ها !
سألها بتلهف عقدت حاجبيها هى لا تريد تجربة عشق وهى تعلم سوء حظها هزت رأسها بنفى حتما هذا ينبع من خيالها وهمهمت بنبرة شجيه 
ولا حاجه سكت
اجابتها اثلجت قلبه ثم تحمحم يسألها 
هو ممكن اسأل سؤال لو مش هضيقك
امام نظرات عيناه ونبرة صوته المتلهفة رضخت له تهمس 
لا عادى اسأل
نظر فى عيناه وسألها بهدوء 
اطلقتى ليه لو مش عايزه بلاش
اجابته بضعف وهى تستجمع تلك الذكرى 
لا عادى انا كنت قولت لطنط نوال أصلا
واسترسلت حديثها قائله 
بابا كان تعبان ونفسه يطمن عليا واتجوز ومع اول عريس وافق كان هيعيشنى مع مامته واخواته ومعترضتش على اساس هو كده بيت العيلة 
واتجوزنا وفى الصباحية جم يصحوا ابوه لقوه
ماټ.. امه حلفت ما يدفن ابوه غير لما يطلقنى 
عشان وشي نحس عليهم.. اتطلقت ورجعت 
بابا مستحملش انى اطلق وارجع فى الصباحية 
جاتلوا جلطة وماټ بس والناس قالوا عليا نحس
خالتى بقى صدقت بقى فى كلام الناس وقالتلى انا عندى بنات واحنا ارياف لو اخدتك تعيشى معايا الكل عارف حكايتك وهيقف حال بناتى 
قالتلى انا هجيلك على طول ده انتى بنت الغاليه وبس 
وهى مره واحده ومجتش تانى .. بعد كام شهر رجع طليقى وعايز يرجعنى اهو خدامة لأمه واخواته وابتدا
يزن عليا مشيت من البلد كلها بس والباقى انت 
عارفه
شعر بارتفاع دقات قلبه حتى كاد يخرج من بين ضلوعه بداخله فرحه تغمره انه كسر الحاجز بينهم 
ما ان انتهت من سرد قصتها رفع حاجبه مستنكرا 
هو فى ناس كده.. ده اسمها ربنا بيحبك مش وش فقر انه نجدك منهم
ثم اكمل بمشاكسه 
تصدقى وتأمنى بالله الواد ده ابوه طلع اجدع منه واحسن انه ماټ ده انا هروح اوزع رحمه على روحه 
عشان المعروف اللى عملوا ده
اتسعت بؤرة عيناها بذهول ثم اڼفجرا يضحكان 
سويا فاصدر تنهيدة حارة ثم همس لها 
ضحكتك حلوة اوى
احمرت وجنتيها خجلا ثم رمشت عدت مرات بعدم تصديق يروادها شعور اول مرة بحياتها 
بينما هو استجمع كامل شجاعته ليعترف بعشقه منذ اول لقاء لهم 
ونس انا
انت ايه يا واد اعتذرت ولا لسه 
تلك الجملة اردفتها نوال وهى تحمل صينية الشاى 
وضعتها امامهم على المنضدة بينما هو تأفف بضجر من تصرفات امه 
اجابها فى نبرة مستاءة وهو يعتدل فى جلسته 
خلاص هو حصل خير .. ولو الست دي جت تانى قوليلها مفيش نصيب يلا تصبحوا على خير انا نازل تحت
انهى جملته وهو معلق بصره بها وهى مازالت على وضعها
اطرقت رأسها بخجل وارتسمت على شفتيها ابتسامة رقيقة ليكمل 
ولا فى رأى تانى يا ونس !
رأى تانى ايه اخوها وعارف مصلحتها 
ردت والدته بتلك الجملة التى كادت تصيبه بذبحة 
غرس اسنانه فى شفته السفلى يهتف بحنق 
ما تسبيها ترد هى يا نبع الحنان ولا أيه
حاولت الفرار من نظرته المثبت عليها فهمهمت 
لأ اللى ماما قالتوا صح
فى الأسفل بعد منتصف الليل ينام على سطح سيارة قديمه بالشارع واضعا يده خلف رأسه ينظر للسماء 
أخذ نفسا

انت في الصفحة 3 من 7 صفحات